لَهِيْبُ المَعْنَى فِي كَفِّ الرِّيْحِ
يُسَافِرُ فِي صَدْرِي شُعَاعٌ مِنَ الإحْسَاسِ،
وَيَهْوِي عَلَى وَجْدِي صَدَى لَيْلِهِ الحَاسِ.
وَيَسْرِي نَسِيمُ الفَجْرِ بَيْنَ جُذُورِهِ،
لِيَسْقِيَ ظَمَأَ الرُّوحِ فِي قَلْبِهَا اليَاسِ.
وَيَرْتَفِعُ الشِّعْرُ الَّذِي كُنْتُ أَحْمِلُهُ،
كَنَبْضٍ يُنَادِي فِيهِ نُورُ النَّهَارِ النَّاسِ.
وَيَنْهَضُ فِكْرِي فَوْقَ دَرْبٍ مُمَزَّقٍ،
لِيَرْسُمَ وَجْهَ الحُزْنِ فِي صُورَةٍ خَاسِ.
وَيَبْلُغُنِي صَوْتُ الحَقِيقَةِ نَاصِعًا،
كَمَا لَمَعَتْ نَجْمَاتُهَا فِي رُؤَى لِيَاسِ.
وَيَخْفُقُ قَلْبِي كُلَّمَا غَابَ ظِلُّهُ،
وَيَرْتَجِفُ اللَّيْلُ الَّذِي ضَيَّعَ الأَنْفَاسِ.
وَتَلْتَفِتُ الأَيَّامُ تُوقِظُ شَجْوَهَا،
لِتُوقِدَ فِي صَدْرِي مَتَارِيسَ إحْسَاسِ.
وَتَصْحُو عَلَى عَيْنِي رُؤَىً لَمْ أُفَسِّرْهَا،
كَأَنَّ وُجُودِي يَرْتَدِي سِرَّةَ الرَّاسِ.
وَتَهْوِي خُطَايَ فِي المَدَى مُتَحَسِّرَةً،
تُضَمِّدُ جُرْحًا قَدْ تَفَتَّقَ مِنْ سَاسِ.
وَيَرْفَعُنِي صَبْرِي إِلَى نُورِ قِمَّةٍ،
تَبُثُّ سِكِّينًا وَتَسْتَفْهِمُ الأَقْيَاسِ.
وَتَرْجِعُ ذِكْرَايَ الَّتِي كُنْتُ أَحْجُبُهَا،
لِتَبْسُطَ فِي نَبْضِي حَدِيثًا بِلَا نِقَاسِ.
وَيُوقِظُ فِي رُوحِي غُلَامٌ مِنَ الضِّيَاءِ،
يُرَتِّبُ فَوْضَاهُ بِلُطْفٍ كَمَا النَّاسِ.
وَيَجْلِسُ فِي صَدْرِي وَمِيضٌ كَأَنَّهُ،
سَرِيرُ جَمَالٍ قَدْ غَفَا فِي دُجَى الرَّاسِ.
وَيَسْقُطُ حُلْمِي فِي المَدَى لَيْلًا بَاكِيًا،
لِيَكْتُبَ مِنْ دَمْعِي سُطُورًا مِنَ الإحْسَاسِ.
وَيَنْبُتُ فِي صَدْرِي سُهَيْلٌ مُلَوَّنٌ،
يُقَبِّلُ خَدَّ الصُّبْحِ فِي لَفْحَةِ المَيَّاسِ.
وَيَرْسُمُنِي لَيْلِي عَلَى سِرِّ قَافِيَةٍ،
تُقَلِّبُ أَحْزَانِي عَلَى لَحْنِهَا البَاسِ.
وَيَهْتِفُ فِي أَعْمَاقِ نَفْسِي مُنَادِيًا،
بِأَنَّ طَرِيقَ العِزِّ يَنْبُضُ فِي النَّاسِ.
وَيَجْلِسُ فِي صَدْرِي حَدِيثٌ مُوَقَّرٌ،
يُفَتِّتُ مَا قَدْ ضَاعَ فِي رَمْلِهِ الخَاسِ.
وَيَعْتَلِي فَوْقِي صَدَى صَوْتِ قَافِيَةٍ،
تُبَارِكُ فِي فَجْرِي وَلُوعِي بِهَا السَّاسِ.
وَيَرْكُضُ فِي نَبْضِي جَوًى لَمْ أُحَرِّرْهُ،
وَيَسْكُنُ فِي دَمْعِي دُخُولًا بِلَا نُعَاسِ.
وَيُوقِدُ فِي صَدْرِي لَهِيبًا مِنَ الدُّعَا،
يُبَارِكُ أَرْوَاحًا عَلَى صَفْحَةِ الرَّاسِ.
وَيَسْكُنُنِي لَيْلِي عَلَى وَقْعِ قَافِلَةٍ،
تُعَلِّمُنِي أَلَّا أَهَابَ طُرُوقَ النَّاسِ.
وَتَزْدَهِرُ الآمَالُ فِي صَدْرِ رَاحِلٍ،
تُذَكِّرُهُ أَيَّامًا تَفَتَّقَ فِيهَا اليَاسِ.
وَيُولَدُ فِي صَدْرِي نِدَاءٌ مُبَرَّقٌ،
يُعِيدُ لِوَجْدِي بَسْمَةً فَوْقَ ذَا الكَاسِ.
وَيَنْهَضُ فِي ظِلِّي ضِيَاءٌ مُسْبَلٌ،
يُشِيدُ عُلُومًا فِي طَرِيقٍ بِلَا مِقْيَاسِ.
وَيَبْقَى عَلَى وَجْهِ المَدَى صَوْتُ حَرْفِنَا،
نُقَابِلُ بِالضَّوْءِ الَّذِي غَابَ عَنْ نَاسِ.
وَيَنْهَضُ فَجْرِي عَلَى شُرُفَاتِهِ،
لِأَقْطُفَ مِنْ نُورِ العِلَالَةِ أَنْفَاسِ.
وَيَصْحُو عَلَى صَدْرِي غَدٌ مُتَمَرِّدٌ،
يُنَقِّي طَرِيقِي مِنْ غُبَارِ العَنَاسِ.
وَيَخْتِمُ فِي عَيْنَيَّ المَدَى سِرَّهُ الَّذِي،
تَسَرْبَلَ فِي دَمْعِي كَنُورٍ بِلَا نِبَاسِ.
وَيَبْقَى صَدَى شِعْرِي عَلَى ضَفَّةِ المَدَى،
يُؤَرِّخُ نَبْضَ الوَقْتِ فِي صَدْرِهِ النَّاسِ.
وَيَسْقُطُ مِنْ فَجْرِي وَمْضٌ مُبَرَّقٌ،
يُفَجِّرُ أَرْوَاحًا عَلَى بَوَّابَةِ الرَّاسِ.
وَيَنْهَضُ خَاتِمُهَا عَلَى وَتَرِ اللَّيْلِ،
يُرَوِّي حَدِيثًا لَا يُقَارَبُ بِالأَقْيَاسِ.