تحميل...

لَهِيْبُ المَعْنَى فِي كَفِّ الرِّيْحِ

خالد عيسى 
نُشر: 20:51

​يُسَافِرُ فِي صَدْرِي شُعَاعٌ مِنَ الإحْسَاسِ،

وَيَهْوِي عَلَى وَجْدِي صَدَى لَيْلِهِ الحَاسِ.

​وَيَسْرِي نَسِيمُ الفَجْرِ بَيْنَ جُذُورِهِ،

لِيَسْقِيَ ظَمَأَ الرُّوحِ فِي قَلْبِهَا اليَاسِ.

​وَيَرْتَفِعُ الشِّعْرُ الَّذِي كُنْتُ أَحْمِلُهُ،

كَنَبْضٍ يُنَادِي فِيهِ نُورُ النَّهَارِ النَّاسِ.

​وَيَنْهَضُ فِكْرِي فَوْقَ دَرْبٍ مُمَزَّقٍ،

لِيَرْسُمَ وَجْهَ الحُزْنِ فِي صُورَةٍ خَاسِ.

​وَيَبْلُغُنِي صَوْتُ الحَقِيقَةِ نَاصِعًا،

كَمَا لَمَعَتْ نَجْمَاتُهَا فِي رُؤَى لِيَاسِ.

​وَيَخْفُقُ قَلْبِي كُلَّمَا غَابَ ظِلُّهُ،

وَيَرْتَجِفُ اللَّيْلُ الَّذِي ضَيَّعَ الأَنْفَاسِ.

​وَتَلْتَفِتُ الأَيَّامُ تُوقِظُ شَجْوَهَا،

لِتُوقِدَ فِي صَدْرِي مَتَارِيسَ إحْسَاسِ.

​وَتَصْحُو عَلَى عَيْنِي رُؤَىً لَمْ أُفَسِّرْهَا،

كَأَنَّ وُجُودِي يَرْتَدِي سِرَّةَ الرَّاسِ.

​وَتَهْوِي خُطَايَ فِي المَدَى مُتَحَسِّرَةً،

تُضَمِّدُ جُرْحًا قَدْ تَفَتَّقَ مِنْ سَاسِ.

​وَيَرْفَعُنِي صَبْرِي إِلَى نُورِ قِمَّةٍ،

تَبُثُّ سِكِّينًا وَتَسْتَفْهِمُ الأَقْيَاسِ.

​وَتَرْجِعُ ذِكْرَايَ الَّتِي كُنْتُ أَحْجُبُهَا،

لِتَبْسُطَ فِي نَبْضِي حَدِيثًا بِلَا نِقَاسِ.

​وَيُوقِظُ فِي رُوحِي غُلَامٌ مِنَ الضِّيَاءِ،

يُرَتِّبُ فَوْضَاهُ بِلُطْفٍ كَمَا النَّاسِ.

​وَيَجْلِسُ فِي صَدْرِي وَمِيضٌ كَأَنَّهُ،

سَرِيرُ جَمَالٍ قَدْ غَفَا فِي دُجَى الرَّاسِ.

​وَيَسْقُطُ حُلْمِي فِي المَدَى لَيْلًا بَاكِيًا،

لِيَكْتُبَ مِنْ دَمْعِي سُطُورًا مِنَ الإحْسَاسِ.

​وَيَنْبُتُ فِي صَدْرِي سُهَيْلٌ مُلَوَّنٌ،

يُقَبِّلُ خَدَّ الصُّبْحِ فِي لَفْحَةِ المَيَّاسِ.

​وَيَرْسُمُنِي لَيْلِي عَلَى سِرِّ قَافِيَةٍ،

تُقَلِّبُ أَحْزَانِي عَلَى لَحْنِهَا البَاسِ.

​وَيَهْتِفُ فِي أَعْمَاقِ نَفْسِي مُنَادِيًا،

بِأَنَّ طَرِيقَ العِزِّ يَنْبُضُ فِي النَّاسِ.

​وَيَجْلِسُ فِي صَدْرِي حَدِيثٌ مُوَقَّرٌ،

يُفَتِّتُ مَا قَدْ ضَاعَ فِي رَمْلِهِ الخَاسِ.

​وَيَعْتَلِي فَوْقِي صَدَى صَوْتِ قَافِيَةٍ،

تُبَارِكُ فِي فَجْرِي وَلُوعِي بِهَا السَّاسِ.

​وَيَرْكُضُ فِي نَبْضِي جَوًى لَمْ أُحَرِّرْهُ،

وَيَسْكُنُ فِي دَمْعِي دُخُولًا بِلَا نُعَاسِ.

​وَيُوقِدُ فِي صَدْرِي لَهِيبًا مِنَ الدُّعَا،

يُبَارِكُ أَرْوَاحًا عَلَى صَفْحَةِ الرَّاسِ.

​وَيَسْكُنُنِي لَيْلِي عَلَى وَقْعِ قَافِلَةٍ،

تُعَلِّمُنِي أَلَّا أَهَابَ طُرُوقَ النَّاسِ.

​وَتَزْدَهِرُ الآمَالُ فِي صَدْرِ رَاحِلٍ،

تُذَكِّرُهُ أَيَّامًا تَفَتَّقَ فِيهَا اليَاسِ.

​وَيُولَدُ فِي صَدْرِي نِدَاءٌ مُبَرَّقٌ،

يُعِيدُ لِوَجْدِي بَسْمَةً فَوْقَ ذَا الكَاسِ.

​وَيَنْهَضُ فِي ظِلِّي ضِيَاءٌ مُسْبَلٌ،

يُشِيدُ عُلُومًا فِي طَرِيقٍ بِلَا مِقْيَاسِ.

​وَيَبْقَى عَلَى وَجْهِ المَدَى صَوْتُ حَرْفِنَا،

نُقَابِلُ بِالضَّوْءِ الَّذِي غَابَ عَنْ نَاسِ.

​وَيَنْهَضُ فَجْرِي عَلَى شُرُفَاتِهِ،

لِأَقْطُفَ مِنْ نُورِ العِلَالَةِ أَنْفَاسِ.

​وَيَصْحُو عَلَى صَدْرِي غَدٌ مُتَمَرِّدٌ،

يُنَقِّي طَرِيقِي مِنْ غُبَارِ العَنَاسِ.

​وَيَخْتِمُ فِي عَيْنَيَّ المَدَى سِرَّهُ الَّذِي،

تَسَرْبَلَ فِي دَمْعِي كَنُورٍ بِلَا نِبَاسِ.

​وَيَبْقَى صَدَى شِعْرِي عَلَى ضَفَّةِ المَدَى،

يُؤَرِّخُ نَبْضَ الوَقْتِ فِي صَدْرِهِ النَّاسِ.

​وَيَسْقُطُ مِنْ فَجْرِي وَمْضٌ مُبَرَّقٌ،

يُفَجِّرُ أَرْوَاحًا عَلَى بَوَّابَةِ الرَّاسِ.

​وَيَنْهَضُ خَاتِمُهَا عَلَى وَتَرِ اللَّيْلِ،

يُرَوِّي حَدِيثًا لَا يُقَارَبُ بِالأَقْيَاسِ.

...